الجمعة، 29 يونيو 2012

قصة : الطريق إلى النصـر


 الطريق إلى النصـر

تمر ذكرى ميلادها الستين ، يلاطفها فلذة كبدها :
_ ما زلت شابة ، كأنك في الثلاثين ..
فتفرح وترد :
_ قُل في الأربعين ؛ قُل في الخمسين ؛ أصدقك ..
كانت أصوات ضحكاتهما تملأ غرفته الصغيرة ، ويسألهـا :
_ أمي أي الشاي الرائع الذي تعدينه
وترد : ينتظر من يحضره يا عزيزي
فيقوم من مكانه مسرعـًا ليُحضره ، ويعود يُنشد لها بعض الكلمات السعيدة .. يصب فنجانا لأمه ؛ ترشف منه رشفة ، فيُلح عليها أن يرشف من ذات الفنجان ... وتضحك ،
_ يا الله ؛ كم تذكرني بوالدك الشهيد ، أنت مثله تماما ، تشبهه في كل شيء " تقول أمه "
_ رحمه الله ، كان شهما ، كم كنت أحبه ، رباني على الخير والرجولة ..

يمر الوقت ؛ تنظر إلى الساعة :
_ لقد تأخر الوقت يا ولدي ، نم لترتاح ..
_ نعم ، لم أشعر به وسط هذه الأجواء السعيدة يا أمي ،
_ تصبح على خير ..
_ وأنت من أهله يا حبيبة القلب ، يا أحلى أم .

وتخرج الأم من غرفته ، ترضى من كل قلبها عنه ،
ويقف هو فوق سجادة الصلاة يُصلي لله ركعتين ، يدعو الله أن يحفظ أمه وأن يتقبل أباه .
مرت ساعتان .. قبل أن تستيقظ الأم على صوت ضجة في بيتها وجلبة ، فزعت ، وأسرعت لتنظر ما الذي يحدث ..
فصُدمت ، وراحت تصرخ : يا أنذال ؛ دعوه ، اتركوه
( اختطفوا ولدها ، عصبوا عيونه وكبلوه )
وتحاول مقاومتهم ، وتخليص ولدها الوحيد منهم .. 
حاولت لكنهم ضربوها ، وأبعدوها ، فجلست تناديه وتبكي : ولدي . . ولدي . .
وقلبه يعتصر ألمـًا ،
_ أمي اصبري ، هذا طريقنا
( ثم أخذوه إلى المعتقل )
تمر الأيام والشهور ، وهي لا تدري ما حل بابنها ، ممنوعة من رؤيته ، محرومة من أخباره ، ويكبر في قلبها الهم والحزن ، وقد نحل جسدها وضعف ..
تقلب الإذاعات علها تسمع عنه خبرا ،
وتتنقل بين المؤسسات الحقوقية ، تسأل عنه . . . لا خبــــــر 
وفي يومٍ ، سمعت ضجة وأصوات رجال خارج المنزل ، فتحت الباب لتنظر ؛ فإذا هم رجال يحملون شيئا أبيضـًا ، كانوا يحاولون إخبارها ...
نظرت إليهم ، فتحدرت دمعاتها على وجنتيها ، وتمتمت : الحمد لله ، ثم قالت : أنزلوه ..
كشفت عن وجهه الناصع ، قبلته ، ثم همست في أذنه :
حتى في هذه يا حبيبي تشبه أباك .

 آلـاء

الاثنين، 25 يونيو 2012

ليس كل ما يأتيك من النافذة عليلا

تربط ساعة منبهها على ساعة الفجر لتوقظ ولدها ، تحبه كثيرا ككل أم ، وتحب أن تراه أفضل الأولاد في كل سبيل للخير ،
تتحمل الأذى والشوك لتُؤمّن طريقه ، وتغمره بحبها وحنانها وعطفها ، 
يبزغ الفجر ، وترن ساعة منبهها ، 
_ قُم يا ولدي ، صلاة الفجر نور للوجه وراحة في الصدر 
فيتمتم بكلمات غير مفهومة ، ثم يغرق في لحافه ..
تكررها وتتابعه ، فيمر الوقت ولا يفيق ، فتضيع عليه صلاة الجماعة ، وحتى الصلاة على وقتها ,,
تبكي على ضياع الخير الكثير على ولدها ، وتدعو له ، ولما يفيق تعاتبه بلطف ، فيرد :
_ لا تضايقيني أثناء نومي ، فأنا لا أنام الليل وأحتاج إلى راحة ..
سألته متألمة :
_ لماذا يا حبيبي ؟
_ لا دخل لك بحياتي
ثم أدار وجهه عنها وانصرف إلى غرفته ، بكت نعم ، لكن صبرها كبير وصدرها واسع ، فهي تعلم كم هو مؤلم أن يعيش ابنها من غير أب ! ، ولم تقصر ؛ فمنذ مات أبوه وهي تتنقل من مكان إلى مكان لتعمل فيه وتأتي لولدها بالقوت .. 
صباحا تفيض عليه من حنانها ، ثم تنطلق إلى عملها وبالها فيه مشغول ، ثم لما تعود تسمع شكايته فتلبي له طلباته وترسم الابتسامة على وجهه ..

في إحدى المرات ؛ صارحته قائلة له ؛ 
_ يا ولدي ، هل فيّ ما يؤذيك .. تأخذ مني ما تريد ولا تعطيني ما أُريد !
نظر إليها ، وقال :
_ أخ أخ
ثم انصرف
بكت .. وبكت .. ،
وبعد مرور أيام ، دخلت إلى غرفته ، فرأته يجلس أمام جهازه ( اللاب توب ) ، يكتب ويضحك ، فلما رآها ، غضب وقال لها :
_ رجاءً ، لا تدخلي غرفتي من غير إذني
ما أصبرها أمه ! ، نزلت دمعاتها على وجنتيها ، وقالت له :
_ ألستُ أمك .. ثم خرجت تدعو له بالهداية والصلاح
فلما جن الليل ، قامت من فراشها ، نظرت أسفل باب غرفته فإذا هي مضيئة ، دقت بابه ودخلت ، فرأته يكتب ، يتحدث ويضحك
ويعود ليغضب من رؤيتها ويكرر كلماته ..
فجلست بجواره ، سألته :
_ يا حبيبي ، قل لي ما الذي يزعجك في أمك ، أرجوك صارحني هذه المرة ، فليس لي ولد سواك ، وليس لك أم سواي
قال لها :
_ أنتِ منذ مات أبي تركتيني ، أنتِ لا تريدينني ، ولو كنتِ تحبينني لما ابتعدتِ عني 
تبسمت ، وقالت له :
_ ما خرجت من البيت يا ولدي إلا لتحيا كريما ، بحثت عن عمل لأجلب المال ، وليس هذا إلا من أجلك .. ثم من قال لكَ هذا الكلا م !!
رد عليها :
_ أصحابي أمهاتهم لا يبتعدن عنهم ، وهم قالوا لي أنك تركتيني
ضحكت ، وضمته إلى صدرها وردت عليه :
_ ألم يوصيك أبوك قبل أن يموت أن ليس كل ما يأتيك من النافذة عليلا .

آلـاء

الجمعة، 22 يونيو 2012

شتّـــــــــــــــــــــــان !!

تمشط شعرها ، تلون وجهها وتنتظر الحدث المهم الذي حلمت به كثيرا ، حدث سيملأ خزنتها مالا ،
تدربت من أجله أياما ، كيف تتحرك أمام الجمهور ، كيف تؤدي ، وكيف تتقن التمثيل ،
ستغني ، وتمثل حركات الحزن ، ستحاول أن تتباكى علها تدخل إلى قلوب الناس فتكسب ما حلمت به من المشاهدين لها والمتابعين ..
لبست من أغلى الثياب ، حريريا ناعم الملمس ، مزركشا ولامعا ..
_ سادتنا ، جمهورنا ، أهلا بكم إلى هذا المهرجان الغنائي الضخم ، مهرجان وقفة صادقة مع الضحايا ، مع الجرحى والشهداء ، مع المكلومين ... و نترككم الآن مع المغنية الشهيرة ..

وقفت ..
تذكرت هدفها والحلم الكبير ، ثم راجعت في مخيلتها كيف تمثل ، ماذا تفعل ، وترجو أن لا تنسى شيئا ... ،
بدأت الموسيقى الحزينة ، أمسكت " المايك " ، نظرت إلى الجمهور ، ثم جعلت تنغم صوتها وتنعمه وتتمايل وتتراقص ، وهي تهتف :
_ سوريا إحنا معك !



وفي مشهد آخر /

يجتمع أفراد الأسرة حول شمعة صغيرة وسط بيتهم المظلم ، يهتف أطفالها وكبارها :
_ ارحل ارحل يا بشار
وينشدون أناشيد الثورة :
_ سكابا يا دموع العين سكابا .. على شهدا سوريا الاحبابا
وتلتحم مشاعرهم مع مشاعر الأحرار هناك ، فتفيض عيونهم بالدمع وتلهج ألسنتهم بالدعاء :
اللهم انصرنا في فلسطين وانصر أهلنا في سوريا .


آلـاء

الجمعة، 8 يونيو 2012

الثلاثاء، 5 يونيو 2012

( .. لا تكُن " كاسيـت " ! .. )




( .. لا تكُن " كاسيـت " ! .. )
.
.

.
.
السلام عليكم ورحمة الله ، وأسعد الله أوقاتكم وأيامكم ، وإجازة صيفية سعيدة تقضونها في الخير ..
.
.

تعرفون الكاسيت ، اختراع مريح ،
بإمكاننا حفظ أي مادة صوتية نحبها فيه ؛ للاستماع إليها متى شئنا ،
.
.

لكن ؛ وعلى الرغم من ذلك ، أنصحك أن لا تكون مثله :

** حاول دائما أن تُبدع ، وأن تفعل شيئا مميزا .. ولا تكُن كـ" الكاسيت " ، فإنه برغم ما فيه من أمور مسلية أحيانا ، مبهرة أحيانا أخرى ، إلا أن هذا ليس من إبداعه ، هو فقط يحكي بما وضعه فيه أحد الأشخاص ، لا يزد على ذلك ولا يُنقص ..

** ميز الخطأ من الصحيح ، لتتجنب الأول وتسير على الثاني ، ولا تأخذ معلومات من أحد دون مراجعة مدى صحتها ودون معالجتها ، ولا تكُن كـ " الكاسيت " ، يستقبل المعلومات وينشرها كما هي ، دون معالجتها أو النظر في مدى صحتها ..

** لا تكُن ثرثارا ؛ تتحدث كثيرا ولا تسكُت إلا إذا طلب الآخرون منك ذلك ، تمامـًا كـ " الكاسيت " ، فإنه يستمر في بث ما فيه حتى تُسكته أنت ..

** لا تكرر أحاديثك ، فيمل السامع منها ، يحدث لك موقف فتحدث أحدَهم عنه صباحا ، ثم تعيده عليه ظهرا وعصرا وعند السمر .. كـ " الكاسيت " ، يعيد ما فيه مرات ومرات ..

** إذا أمرت بمعروف فابدأ بنفسك وافعله، وإذا نهيت عن منكر فابدأ بنفسك أيضا واجتنبه ، ولا تكن كـ " الكاسيت " ؛ تُعطي النصيحـة للناس ، فيسمعونها ولا يسمع ، ويتأثرون منها ولا يتأثر .


( وأخيرا ، لا تنكر أفضال الآخرين ، ولا تبخل في شكرهم ، لذلك تحية لـ " الكاسيت " فإنه كما ذكرت في المقدمة ، يسهل علينا حفظ المواد الصوتية التي نحبها للاستماع إليها متى شئنا )

آلـاء



الأحد، 3 يونيو 2012

وصايا جدي

وصايا جـدي

يا بُني ، يا طوق ياسمين على هامة الصمود ، ويا غصن زيتونة شامخة ضربت جذورها في الأرض ،
إن كل نفس ذائقة الموت ، وإن جدك دخل أسواق الآخرة ، فخذ عني وصيتي وتمسك بهـا :

بني الحبيب /

إن تلك التي تعد تجاعيد وجهي وتنظر إلى وجهها في مرآتها تظن أن بيتي هذا ستأخذه بعدي مخطئة ، إن كل تجعيدة في وجه جدك تحمل قبلة من تراب الأرض ، ونظرة حب من روابيها ، ووصية من سوافيها ، من كروم العنب ما زلت أسمعها تهتف في نفسي .. " لا تُفـرّط "

يـا بُنــي /

إنكَ ستجـد جمـاعة من النـاس يشتغلون بتجـارة عبثية ، ليست تجارة بضائع وإنما يُتجارون بالأوطان ، يبيعون الأرض بعرض من الدنيا قليل زائل ، فاحذر أن تجاريهم أو تساندهم ، إنهم ليسوا منّا ولا من جلدتنا .

بُنـــــــي /

حافظ على دينك تسلم من كل شر ، وتمسك بعقيدتك ، واعلم أن قدسك الأسيرة جزء منها ، انظر كيف يعيث الصهاينة فيها فسادا ويتطاولون بزعمهم أنهم أحق بها منا ، بالله يا بني ؛ هل شامة جبينك التي لا تفارقه مثل قرصة بعوضة هاجمتك ليلا وقرصت وجهك ! ، تلك القرصة تشوه نضارتك فاجتهد في علاجها لتخفيها وتمحي آثارها .

يا بُنـــــي /

أرضك هذه مغتصبة ، فإياك إياكَ أن ترمي سلاحك ، ولا تغادر بيتك ، ولا تصافح عدوك ، واعلم أنه أغدر وأمكر البشر ، يبتسم لك وفي قلبه مليون صنف من الحقـد ، يُظهر السلام وفمـه يقطـر بالدم ،
ما أكثر أحاديثه عن حقوق الإنسان ، وأفعاله متجردة من الإنسانيـة ، قذرة وغارقة في العنجهية ،
لو نظرت في قوانين حياته ستجد الكبير لا تُحترم شيبته ، والمرأة لا تُحترم حرمتها ، والطفل لا تُحترم براءته ،

هذا عدوك يا بُنــي ، فقاومه وجاهد بمالك وبنفسك وبما تملك ، وتذكر أن دمي هو دم أجدادي وهو دمك ، وأرضي هي أرض أجدادي وهي أرضك ،
ووصاياي هذه هي وصايا أجدادي ، فتمسك بها وانقلها إلى الأجيال حتى تعود الطيور إلى الوطن ، وتعود البسمـة إلى كل شبـر فيــه .



 آلـاء